العرض في الرئيسةفضاء حر

الحيوية السياسية تصنع في صنعاء وليس في الرياض

يمنات

محمد عايش

بمعزل عن كل تفاصيل أخرى؛ لن يكون بمقدور تاريخ هذه البلاد إلا أن يتذكر أن 140 رجلا شجاعا تنادوا، في ظل أبشع وأطول عدوان يتعرض له بلدهم؛ ليعقدوا اجتماعا برلمانيا أقل ما يقال عنه بأنه اجتماع تحت سقف الموت.

و مكمن الشجاعة في ما حدث اليوم ليس في كون هؤلاء المائة والأربعين عقدوا جلستهم وطائرات العدوان تحلق فوق رؤوسهم، بل في أن كل واحد منهم ذهب إلى الجلسة وهو يعرف أنه بذهابه يضع نفسه في فوهة المدفع مباشرة وبدون أي خط رجعة.

يعرفون جميعا أننا نتعامل في هذا العدوان مع عدو لا يمتلك ذرة شرف، ومن الوارد جدا أن يقوم بتحويل قائمة الحضور في جلستهم البرلمانية إلى بنك أهداف جديد، فيقصف منازلهم، ويقصفهم وعائلاتهم، منزلا منزلا..

عدو بلا أخلاق، وبلا أي معجم للقيم أو لما ينبغي و ما لا ينبغي في الحرب: قصف منزل القاضي ربيد وقتله هو وأولاده وأطفالهم ونساءهم، وهم نائمون، لمجرد أن القاضي عرضت على محكمته قضية تتهم “هادي” بالخيانة الكبرى فأخذ ينظر فيها!

و لم الذهاب بعيدا؟ لقد قصف منزل رئيس مجلس النواب نفسه وقتل نجله بداخله دون أن يكون يحيى الراعي قد أصدر أي موقف أو فكر باتخاذ أي إجراء برلماني ضد هادي أو غيره.

لا أعتقد أن أحدا من قائمة المائة والأربعين لم يمر برأسه مثل هذا السيناريو، لكنهم جميعا وضعوا هذا الخطر تحت أقدامهم ومضوا إلى الجلسة غير آبهين.

من بداية العدوان لم يتصدر فعاليات مواجهته، علنا، إلا قيادات أنصار الله وصالح مع بضعه من رجاله، و أحمد سيف حاشد (إضافة لشخصيات ربما بعدد أصابع اليدين حتى لا أظلم أحدا)، بينما بقية رؤوس اليمن فمن لم يلتحق منها بالعدوان انسحب إلى الظل يترقب أو ينتظر دوره في المواجهة..

و اليوم دخلت نخبة كاملة إلى خط المواجهة دفعة واحدة، وليست أي نخبة بل النخبة التشريعية المنتخبة من الشعب نفسه، وهذا إنجاز كبير في مضمار مواجهة العدوان، ويعني فيما يعنيه أن “القضية اليمنية” تكسب، وأن الحيوية السياسية تصنع هنا في صنعاء لا في الرياض ولا في غيرها.

 140 رجلا شجاعاً، انحازوا لوطنهم حين احتاجهم وطنهم، هم محسوبون على صالح لكن صالح لا يملك ما يغريهم به كي يجتمعون ولا مايرهبهم به أيضاً، حيث كل أدوات الترغيب والترهيب متركزة منذ بدء العدوان في يد السعودية وحلفائها.

كان بإمكان أي واحد منهم أن يكون عبد العزيز جباري آخر، يتهطهط بالثوب والغترة في فنادق الرياض، وما أسهلها من مهمة وطموح، أو أن يعيش على الأقل “جنب الحيطة” محافظا على سلامة رأسه أو نائيا بنفسه عن إغضاب السعودية، لكنهم قرروا أن يكونوا على سجيتهم فحسب: يمنيين.. يمنيين فقط.

140 تحية لـ 140 اسما سأظل لآخر حياتي أفخر بهم كيمني رغم أني لطالما سخرت من أداء مؤسستهم (مجلس النواب) طوال الوقت، فما حدث اليوم يكشف عن معدن الرجال أكثر من كونه متعلقا بطبيعة ونمط أداء المؤسسة.

سلام لكم أيها الأحرار..

وبالنسبة لمهاجميكم سألفت انتباههم لهذا:

لكم أنتم والسعودية برلمانيوكم ولنا برلمانيونا

لنا المائة والأربعون، ولكم أم أربعة وأربعون وأولادها: جباري وصخر والعتواني ومجلي والحميري والحزمي وحميد وحسين الخ

وبالنسبة للي عاملين فيها وطنية عرجاء:

لماذا تعتبرون هذه الأسماء البرلمانية الأخيرة، المعدودة وبالأفراد، محترمة وهي منهمكة في العمل بإخلاص لبن سلمان، وبالمقابل تضعون أصابعكم في أنوفكم حيال أكثرية البرلمان لمجرد أنها من حزب صالح؟

هل ابن سلمان يمني أكثر من صالح؟ أم أن صالح فاسد أكثر من بن سلمان (أبو اثنين مليون برميل نفط يوميا) مثلاً ؟؟

انظروا في سحنات الـ 140 ستجدونهم يمنيين قبل أن يكونوا مؤتمريين أو مستقلين .. يمنيين من فصيلة العشرين طالبا الذين قتلتهم اليوم داخل مدرستهم في صعدة طائرات أسياد جباري و صخر وطابورهم .. الصغير.

من حائط الكاتب على الفيسبوك

زر الذهاب إلى الأعلى